لِقاءُ حَقيقَةْ

 

كَذبتم علي ..

بدون مقدمات هكذا أخبرتني صادمةً كل تحضيرٍ أعددتهُ للمقابلة. ، أن تُوجَهَ لك تهمة بالجمع و كأنك مشتركاً مع الآخرين ضدها ، كفيلة بأن تضيّع كلماتك وأنت شبهُ بريء !.
كان موقع الإلتقاء في منزلها هادئاً ، استأذنتها الدخول و الجلوس للإيضاح و فهم الالتباس ، وضعتُ جهاز التسجيل على الطاولةِ و قلتُ لها أخبريني الأمر الذي حدث ، كان سؤالي قادراً على مناداةِ دموع عينيها لتفيض على وجنتيها المرتويةِ أصلاً من بكائها المُستمر ، يحدث عن هذه الحالة أنّ صماماً في الحلق يغلق مخرج الكلمات و يختصر هذه الحالة كلمة [عَبْرَة] مَسَكَتْها عن الحديث ، انتفضت قليلاً ثم قالت :

أَنْ أُغيّب طوال السنين ، أَنْ يتحدث بلساني الآخرين ، يُلبسوني ما يريدون و ينزعون عني ما لا يريدون ، و لم يكفيهم تقليد صوتي و انتحال شخصيتي بل صدّقوا أنفسهم وأعجبهم ردائي ، خُيل لهم الطريق مُخضر ، حتى ساروا على ثقةٍ متناهية ، ألهذه الدرجة لم يعد باستطاعتهم تمييز سيري و صوتي و شَبَهِي البريء ، انظر لوجهي و أخبرني هل يوجد مني اثنين في   العالم كله ؟.c2462ffa00cda34ca59458a68f5db4f2

سؤالها الذي ناداني برفع بصري لأرى جمالاً لم أعهده ، ملامح الجنان فيها ، و بريقُ عينيها من نبع الدموع لم يجف ، مظهرها المؤلم أثار جوارحي و ضَعَفتُ لسيكولوجية الدموع فانهمر دمعاً من عينيّ .

 توقعتُ أن يكون لقاءً طويلاً لكن ردّها أوجز و اختصر ، لأنهض مُغلقاً جهاز التسجيل ، و تفاجئني بوضع يدها على يدي وأنا أضغط على زر الإيقاف و قالت :

انتبه لنفسك لا تنجرف ، و اعلم أن القلوب تتقلب و تنحرف ، فلا تنخدع ولا تغتر ، و ما كان منّيَ اثنين ،  فإما أنّ سيركَ للأمامِ أو للوراءِ فلا يوجد من يقف ، و لم يكن في حديث البشر تشريعاً إلا مِن المُرسلين ، فقل لي كيف تحت ظل “الرأي” تخترع ، و تبتكر ، و تظن ، أين الحياء فيكم لا يرتجف ، إني أحبك فلا تخيب ظني و إني أراك عن الغير مختلف .

اُطالعها و هي تتحدث فابتسمتُ لها بعد انتهائها و انفكّ عن وجهها الحُزن قليلاً ، رأيت ذلك في عينيها ، أخذتُ نفسي راحلا عن مكان اجتماعنا ، لم أتعجب من التغييب المُتعمد الذي استقصده العالم لها و إقصائها المُستمر عن كل الناس ، بات غيابها طبيعة في البشر أفسد الكورة الأرضية و صعّب البحث عنها و كذلك مصاحبتها بات أمراً فيه من العسر ، ما الكنز الذي قدمناهُ عليها لنتخلى عنها .. أودُ أن أصطحبكِ معي أيتها الحقيقة لكن العالم لا يريدكِ والنفسُ فيني أصارعها لكني سأضل أُميزكِ عن الآخرين و إن لم أمتثل..وإن لم أمتثل .

نُشرت بواسطة

srerqalm

أتغنى بحرفي ،، بلغتي الخاصة ،، باسلوبي أنسج كلماتي و بكل الألوان سأطليها .

أضف تعليق